أوهام راهب

أوهام راهب

كنتُ حائرًا، سائِرًا في طريقٍ مظلم أشجاره طويلةٌ وعريضةٌ تشبه المارد وطريقٌ مُعبَّدٌ مُرصَّفٌ بأحجارٍ تئنُّ من كثرةِ التآكل طريقٌ طويلٌ مخيف في غيومٍ سوداءَ ومطرٍ قاتلٍ سِرتُ وكأني لم أبدأ في قطعِ طريقي الموحش رأيتُ شيئًا قادمًا يسيرُ بكلِّ تَعقُّل لا يهابُ الخوفَ، شديدَ البأسِ والقوةِ كأنَّه راهبٌ عالمٌ بكلِّ المصائب أسرعتُ إليه كطفلٍ خائفٍ من وحشٍ كاسرٍ تلقّاني بابتسامةٍ ونظراتِ حائرٍ ما الذي دفعك وجعلك بهذه المظالم؟ أجبته بدمعٍ سالَ، وحرارةِ الأنفاسِ تتلاطم إنّي تائهٌ، ولا أعلم أينَ منفذي فأوجاعي كثيرةٌ، ومن الصعبِ تنفيذُ مطالبي أجابني بهمسٍ دافئٍ في بردٍ قارصٍ اهدأ يا صغيري، وإنّي لكَ سأكون المنقذ وسار بي في طريقٍ جديد فيه كلُّ مطالبي سعادتي وفرحي وصندوقُ دُنيتي أملأ فراغي وأُزهق أوهامي وأعَنِّي على مصاعبي كان لي خليلٌ وحبيبٌ ورفيقٌ دربي الغائب وأنا في أسعدِ لحظاتي، حدث ما لم أتنبهْ له اختفى وظهر طريقي المظلم ثانيةً فقد كان وَهْمًا، ولم يكن بصاحبي وعلمتُ أنَّ راهبي لم يكن سوى موعدٍ مع قبري وهمي المتراكِمِ وأنها حبيبتي الراحلةُ في هيئةِ ملاكِ الرحمة وعدتُ مجددًا لطريقي وظُلمتي وحيرتي فتذكَّري اليومَ همّي وسوءَ منقلبي
مع خالص تحياتي الملاك الضائع
رجوع
رجوع