المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة رحيل وائل 2


Dr.Somaya
21 Nov 2003, 06:59
انه أحد اصدقا وائل انه يبكي بشدة وحرقة وكان يجهش بالبكاء وقد جلس على ارض الشارع ونزلت دموعه الحارة على الأرض لم أتحمل ذلك توقفت بالسيارة وفتحت الباب لكي انزل و أواسي ذلك الطفل المسكين ولكني لم استطع فقد خنقتني العبرة ونزلت الدموع من عيني وأصبحت محتاج لمن يواسيني وذلك من هول ذلك المنظر فهو موقف ليس بالهين وخصوص على شخص عاطفي مثلي ,أغلقت باب السيارة وانطلقت للبيت وأنا ابكي ,دخلت المنزل وبسرعة توضأت وبدلت ملابسي وخرجت متوجها للمقبرة حيث هناك بعض الأقارب والأصحاب يقومون بحفر القبر وتجهيز مكان غسيل ا لميت توجهت لداخل المقبرة حيث كان الجميع هناك نظرت إليهم وهم يضربون الأرض ليخرجوا التراب وكأنهم يضربون في صميم قلبي , أخذت انضر إلى تلك الوجوه الكل في صمت الجميع شاحب الوجه لا أحد يتكلم فقط الكل ينتظر دوره في الحفر نضرت للقبر وهو يزداد عمقا شياً فشياً وقلت في نفسي يا الهي هل فعلاً سيدفن اليوم هنا وائل هل هو فعل ذ لك الابن ذو13 عاما الذي كان ينتهز الفرص عندما انزل من سيارتي ليقفز فيها ويتظاهر بقيادتها ,هل هو ذلك الطفل الذي كان يحب أن أمازحه دوما ,هل هو حقا من قال لي مرات عديدة ليتك تصبح أخي الأكبر . . . .. أه بكل أسف نعم ولا أحد غيره , التفت عن يميني ونظرت إلى ذ لك القبر المجاور لمنزل وائل الجديد ,يا ربي!! انه قبر فلأنه والدة فلان لقد دفنت قبل أسبوع بعد عمر يناهز (110عاما) وهذا قبر وائل الذي لم يكمل الثالثة عشر من عمره مجاوراً لقبرها, تذكرت هنا واستدركت أن الموت لا يعرف صغير ولا كبيرا.رفعت بصري من على القبرين والتفت إلى اليسار تجاه بوابة دخول المقبرة ويا ليتني لم انظر


يا الله !!.. .. ما هذا!!!!! نعم انهم أصحاب وائل قد أتوا بكل برأة الطفولة وبكل معاني الصداقة الصغيرة التي تحملها نفوسهم الطاهرة آتو ولسان حالهم يقول :نحن هنا يا وائل سنبقى بقربك حتى أخر لحظه ولن تبعدك عنا تلك الحفرة العميقة ابدآ فحبك المحفور في قلوبنا اعمق وصورت ابتسامتك ستبقى لنا دوماً هي الأجمل ودوماً سيَظل صوتك هو الأعذب .


أحسست بوفائهم لصديقهم وبصدق مشاعرهم فهم أطفال لا يعرفون المجاملة أو النفاق((ليتنا نخلص مثلهم)),لقد كان منظر دخولهم للمقبرة وتلك النظرات في عينيهم بالنسبة لي اعظم لوحة فنية رأيتها في حياتي اختلط فيها لون الطفولة بلون الحزن ليخرج لنا لون الوفاء الحقيقي ,هذه اللوحة المليئة بالمعاني الحزينة والمعاني الصادقة , بل هي اعظم قصيدة رثاء نقشت على وجوههم وكتبت أبياتها بدموعهم , كان الموقف صعب بالنسبة لي خرجت بل أقول هربت مسرعا من المقبرة وذهبت تجاه المكان المخصص لتغسيل الميت , تفقدت المكان ولوازم التغسيل والطيب كل شيء كان على ما يرام , جلسنا ننتظر وصول الجنازة فهم في الطريق ولم يبقى لهم سوى دقائق قليلة , وقفت عند باب المغسل أنا واحد الأقارب وبينما نحن كذلك أتت سيارة وتوقفت أمامي وإذا هو أحد أقارب وائل فأنزل النافذة ونظر لي بتعجب وقال ما بكم , أدركت أنه لا يعلم بما حدث ,انه ابن عمته وصديقه الدائم كيف اخبره بما حصل


لم استطع أن أتفوه بحرف واحد نظرت لمن كان بجانبي, أعاد الولد السؤال بنبرة صوت أعلى فأجابه من كان معي وقال:وائل قد توفي . فقال الولد :وائل من ,فرد عليه:ابن خالك , تغيرت ملامح وجهه والتفت نحوي فلم استطع أن أنظر إليه , أدرت ظهري له ولم اسمع أي صوت أخر غير صوت إطارات سيارته فلقد انطلق بسرعة من هول وقع الصدمة عليه .


دخلت مرة أخرى للمقبرة ووصلة للقبر فوجدته اصبح جاهز لاستقبال وائل , بعد برهة قالوا أن الجماعة قد وصلوا وأد خلو وائل لكي يتم تغسيله , ذهبت إلى المكان الذي سيغسل فيه وائل فأخبروني بأن أبى وجده بالداخل يتولون عملية التغسيل , جلست خارجا عند الباب حتى خرج لي عمه الذي أتى به من المستشفى نظرت إليه!! ما هذا !! أهذا هو فلان أهذا هو الذي عرف بين أفراد تلك العائلة بالشدة أهذا هو , سبحان الله كانت الدموع تملى وجهه وتنزل من عينيه بغزارة وكان يجهش بالبكاء , فأمسكت بيده وأجلسته بقربي وبدأت اذكره بالصبر وان هذا هو قضا الله وقدره وان هذا هو مصير الجميع ,


هدئ قليل حتى وصل بعض أبنا الأسرة وآتو يسلمون عليه وكان أولهم هو(ع) شقيق وائل الأكبر فلما رآه ضمه بشدة وعاد يبكي من جديد وضل ممسكا به ولم يتركه بسهوله سلم عليه باقي الأبناء وجلسوا جميعا بجانبه صفاً واحداً, وما هي سوى لحظات حتى وصل العم الأصغر لوائل لتوه فهو يعمل في مدينة تبعد عنا حوالي 200كم أتى وأحتضن أخاه وبدأ البكاء من جديد ثم جلس واخذ مكانه ضمن الجالسين, يا الهي الجميع هنا يبكون لابد أن أتحلى بالقوة واخفي حزني وأحاول التخفيف عنهم , وما أن يأتي أحد ويرى منظر الصبية وهم جالسون صفا واحد ويحس انهم فعلاً قد فقدوا شخصا عزيز حتى يبدأ هو بالبكاء, وفي هذه اللحظات ووسط هذا البحر العميق من الدموع ارتفع صوت الحق((الله اكبر)) نعم انه أذان المغرب أتى لينتشلهم ويخرجهم من غرقهم وسط ذ لك الحزن


جاء هذا النداء ليخبر الجميع بأن يذكروا الله وان يعلموا أن ما حد ث ما هو سوى قضاء الله وقدره وان الدنيا لن تنتهي هنا وان الله سبحانه وتعالى حي لا يموت , لقد تملكنا شعور غريب لا أستطيع وصفه الجميع هدئ الكل توقف عن البكاء الكل مسح دموعه وأخذ يردد الأذان مع المؤذن , سبحانك يا رب لقد مسح الله على قلوب الجميع بذلك النداء الذي يدعو فيه عباده لقضاء الفريضة الركن الثاني من أركان الإسلام الخمسة , قام الجميع وتوجهنا للمسجد القريب منا وبعدما توضأنا وصلينا خلف الأمام و خرجنا من المسجد فعلا رأيت اثر الصلاة الكل تنفس الصعداء وأصبحت الألسن تنهل بذكر الله وبقول الحمد لله على كل حال و إنا لله وإنا إليه لراجعون .


عدنا للمقبرة وأخذنا ننتظر كي يجتمع الناس ليؤدوا الصلاة على الميت , دخلت لتلك الغرفة التي وضع فيها (وائل) بعد ما تم تغسيله وتطييبه وتكفينه وإذا بي أرى جده من أمه جالساً عند رأسه يتلو القرآن ويدعو له بالرحمة ودهشت كثير عندما رأيت والد وائل


وهو يحمد الله عز وجل ويهلل ولم يكن يبكي فقلت في نفسي اللهم اجزه خير الجزاء على صبره واحتسابه , جلست بالقرب من (وائل) وقبلت رأسه وجلست انضر إليه أتذكر ابتساماته وضحكاته وشقاوته وقت إناء لله وإناء إليه لراجعون ,


اجتمع الناس فحملنا الجنازة وذهبنا به للمكان المخصص للصلاة المكان ممتلئ بالناس على غير العادة , أدينا الصلاة وحملنا الجنازة متجهين بها للقبر الجميع دخل معنا ولم يذهب منهم سوى عدد يسير مع أن الوقت كان ليلاً طبعا أصحاب وائل أصروا على أن لا يفوتهم الوداع الأخير لصديقهم وان يحظوا بالنظرة الأخيرة له , قمنا بدفنه بل أقول قمنا بدفن قلوبنا التي أخذها معه, انصرفنا ليقف أهله وذووه في المكان المخصص للعزاء داخل المقبرة وبدأ الجميع في البكاء مرة أخرى , أخذت دوري لكي اعزي الأهل وكنت صابر ومحتسبا وممسكا بزمام نفسي وبدأت أسير خطوة واعزي هذا وذاك حتى وصلت إلى شقيق وائل فلما رأيته تذكرت أخاه المتوفى.. .. .. نزلت الدموع من عيني بشكل مفاجئ وبدأت ابكي وأكملت سيري والدموع تغمرني فلما انتهيت من تعزيت الجميع لم استطع أن اقف مكاني بدأت أسير دون أن ادري داخل المقبرة وأنا ابكي .. .. .. .., خرج الجميع وخرجت أنا خلفهم ركب معي أحد أصحابي السيارة فطلبت منه أن يقود بدل عني , ونحن في الطريق اخذ يواسيني ويذكرني بحمد الله وأن ما حدث بأمر الله وقضاءه , توجهنا لبيت العائلة ((مكان العزاء)) ودخلنا هناك وكان الصمت والسكينة هما سيدا المكان , الجميع هنا حزين لا أحد يتكلم الكل في صمت ,


مر اليوم الأول واتى اليوم الثاني خف الحزن وذهبت الدموع وهذا بفضل الله عز وجل ثم بتواصل أهل الخير وقدومهم بأعداد كبيرة لكي يؤدوا الواجب(جزاهم الله ألف خير),انتهى اليوم الثاني من العزاء, وفي صباح اليوم الثالث وبينما كان الكثير من الناس يأتون للعزاء خرجت قليلاً عند باب المنزل ووقفت برهة وفجأة وإذا بسيارتين تقفان أمامي ونزل من تلك السيارتين عدد من الأولاد !! من هم!! أه تذكرت انهم طلاب الصف الذي كان يدرس فيه وائل ((أول متوسط)) وقد آتوا مع أحد معلميهم ليؤدوا الواجب ويقوموا بتعزية أهله ولم يكونوا اقل حزنا منا دخلوا صف واحد يتقدمهم المعلم وعندما وصل للداخل توقف وقال بصوت عالي : يا أبو وائل


زملاء المرحوم في الفصل قد أتوا ليعزوكم ويا ليته لم يفعل كل من كان هناك تأثر من هذا المشهد وقد تكرر في ذهني منظر الأطفال الصغار داخل المقبرة فبكيت كما الجميع.. .. .. .. .. .. .. .. ..


مر اليوم الثالث وانتهى العزاء .. .. .. ولكن هل يا ترى انتهى حزن هذه الأسرة من صغير وكبير على ذبول تلك الزهرة العطرية التي طالما عطرت أجواء الأسرة بالبهجة والسرور ,هل انتهى الحزن الدفين في قلب والديه , لا أزال اذكر عندما قال لي أحد أقارب وائل الصغار أن وائل قبل أن يذهب للرياض قال له بأنه سيترك دراجته الهوائية أمانة لديه لحين عودته من السفر وانه سيأخذها ويبقيها لديه ليتذكر بها صديقه الراحل , لا أزال اذكر عندما أتى عيد الأضحى المبارك بعد وفاة وائل بأسبوعين وكيف كان منظر ذا لك البيت بالنسبة لي وكيف أنني بكيت في صباح ذلك اليوم عند مروري بالقرب من هذا البيت وكيف كان منظر والديه وإخوانه ذلك اليوم .


أعتقد أنه من الصعب جد علي أو على أسرته نسيانه سوف يذكرونه في كل لحظه


>ستتذكره أمه عندما توقظ أبنائها من النوم للمدرسة وترى ذلك السرير خالياً


>سيتذكره أباه عندما يوصل أبناءه كلاً لمدرسته ويمر على مدرسة وائل دون أن يتوقف


>سوف يذكره إخوانه كلما جلسوا إلى الطعام ولم يروه بجانبهم


>حتى حبل الغسيل الذي في منزلهم سيفتقد ملابسه التي يخلعها بعد يوم حافل باللعب والمرح والشقاوة البريئة


>سيتذكره أصحابه في المدرسة كلما نظروا إلى كرسيه الحزين الخالي


>سيتذكره جهاز الألعاب ((بلأي ستيشن)) الخاص به والذي طالما أنهكه ولعب به ساعات طويلة وطالما رمى به بعد الهزيمة في لعبه


>ستذكره كل غرفة وكل زاوية في المنزل عندما تفقد صراخه وتعالي ضحكاته


>سوف أتذكره كلما رأيت طفل يركب دراجة كلما رأيت أطفالً كلما رأيت الحي الذي فقده كلما رأيت بيته الذي أظلم بعده كلما رأيت ابن أخي الذي يشبهه


كلما رأيت زهرة.


كلما سمعة ضحكة


كلما شاهدت بسمة


كلما شممت عطراً


كلما رأيت كرة


كلما رأيت شمساً


كلما شاهدت نوراً


كلما ذقت عسلاً


ستتذكره أنت كلما سمعت أو قرأت هذا البيتين:


1- ويــنــك يــا فـــنــر هـــالــبـيــت ويـنـك


بـعدك أنــطــفـى الـــــعـــــالــــــم


مـــــا بــقى مـــا بــــــقـــــــــى


بــالـــــشـــوارع نـــــــور


2_ جاور عقب ألحدا يق حفرة ما أقسى لحدها


حفرة ماني مصدق كيف ضمت يا سمينة


إلى رحمة الخلد يــــــــــــا وائـــــــــــــــــل وجعلك الله شفيعا لا اهلك أسكنك فسيح جناته

الشمـ برق ـال
22 Nov 2003, 04:13
:(
الله يرحمه

قصة مؤثره جدا ياسميه

والله اني تعبت من قرايتها .. لكن الله يرحمه :(

شكرا لك .. على القصة ولك تحياتي

Dr.Somaya
22 Nov 2003, 10:57
ويرحمنا اجمعين
وسامحني على تعبك
واشكرك على المرور الكريم

الشمـ برق ـال
23 Nov 2003, 04:31
سميـه
اكذب عليك اذا قلت مابكيت .. وبكاء مثل بكاء الصغير

الله يرحمه ويسكن روحة الجنه والله يجعل قبره روضه من رياض الجنيه .. اللهم امين

ماادري انا اشكرك على الدموع اللي نزلت غصبا علي .. والا على المشاركة

مانقول الا الله يرحمنا برحمته .........

Dr.Somaya
23 Nov 2003, 04:39
لا تبكي على القصه
ابكي على الدنيا وتفاهتها
وان الموت لا يعرف من هذا وكم عمره
وابكي على الايام التي مضتت في غير طاعة الله
واخيرا ابكي على الطفل اللذي لم يهنئ بعمره الانادرا فكل ايامه تعب ومرض
الحمدلله الذي عافانا